تخريج حديث: "أجرؤكم على الفُتيا أجرؤكم على النار" - للشيخ أسامة الواعظ

بسم الله الرحمن الرحيم

 

عن عبيد الله بن أبي جعفر، قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "أجرؤكم على الفتيا أجرؤكم على النار"

 

الحديث أخرجه الدارمي في (مسنده)[1] فقال: أخبرنا إبراهيم بن موسى, حدثنا ابن المبارك, عن سعيد بن أبي أيوب عن عبيد الله بن أبي جعفر به.

هذا إسناد رجاله ثقات، لكنه معضل:

إبراهيم بن موسى هو: ابن يزيد التميمي المعروف بالصغير.

كان الإمام أحمد ينكر على من يقول له الصغير, ويقول: هو كبير في العلم والجلالة.[2]

وقال أبو زرعة: هو أوثق من أبي بكر بن أبي شيبة، وأصح حديثا.[3]

وقال أبو حاتم: إبراهيم بن موسى من الثقات، وهو أتقن من أبى جعفر الجمال.[4]

وابن المبارك هو: الإمام المشهور

وسعيد بن أبي أيوب: هو ابن مقلاص الخزاعي المصري

قال ابن وهب: كان فَهِما حُلوا! فقيل له: كان فقيها؟ قال نعم والله. [5]

وقال ابن سعد: كان ثقة ثبتا.[6]

وقال أحمد: لا بأس به.[7]

ووثقه ابن معين والنسائي.[8]

وعبيد الله بن أبي جعفر: هو أبو بكر المصري الفقيه, واسم أبي جعفر يسار

رأى عبد الله بن الحارث بن جزء الزبيدي.[9]

قال ابن سعد: ثقة، فقيه زمانه.[10]

وقال أحمد: كان يتفقه, ليس به بأس.[11] وعنه: ليس بالقوي.[12]

ووثقه أبو حاتم والنسائي.[13]

وقال ابن خراش: صدوق.[14]

وقال ابن يونس: كان علما عابدا زاهدا.[15]

 

          **فالإسناد صحيح إليه، ولكنه معضل، إذ لم يُذكر عن عبيد الله ابن أبي جعفر أنه سمع من أحد من الصحابة، وإنما رأى عبد الله بن الحارث بن جزء - رضي الله تعالى عنه – وحسب، كما نص عليه الحفاظ.[16]

وبذلك حكم عليه العلامة الألباني: (وهذا إسناد ضعيف لإعضاله ، فإن عبيد الله هذا من أتباع التابعين ، مات سنة 136 ، فبينه وبين النبي صلى الله عليه وسلم واسطتان أو أكثر).[17]

تنبيه:

قال العلامة عبد العزيز بن عبد الله بن باز - رحمه الله تعالى وأسكنه فسيح جناته – في (النكت على تقريب التهذيب)[18] عند كلامه على هذا الحديث : (هذا مرسل صحيح وهو يوجب على طالب العلم الحذر من عواقب الفتيا والتثبت فيها، والله ولي التوفيق).

وقوله: (مرسل) أي من حيث كون راويه تابعيا، فهو حديث مرسل من هذا الوجه، ومعضل من حيث أنه لم يسمعه من الصحابة بل من دونهم، وقوله (صحيح) أي إلى من أرسله، ومثله قال السيوطي في الجامع الصغير: (مرسل)[19].

ومن لطائف هذا الحديث أنه لم يخرجه – حسب علمي – أحد من المصنفين غير الدارمي ولم يوجد في كتاب غيره، وكل من رواه من بعده فإنما رواه من طريق الدارمي، فهو حديث نادر لا يوجد في كتاب آخر غير هذا الكتاب، وله نظائر في كتب أخرى لعلي أن أخرجها في بحوث أخرى، والله ولي التوفيق.

 

والله تعالى أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد بن عبد الله وعلى آله وصحبه أجمعين.

 

أعده/ أسامة بن مصطفى الواعظ

 


[1] مسند الدارمي ( المقدمة / باب الفتيا وما فيها من الشدة / الحديث رقم:157 )

[2] نزهة الألباب، للحافظ ابن حجر (1 / 426)، تذكرة الحفاظ (1 / 170)

[3] الجرح والتعديل لابن أبي حاتم (2 / 137)، وانظر الجرح والتعديل ( 1 / 334)

[4] المرجع السابق.

[5] التهذيب (4 / 65)

[6] الطبقات الكبرى لابن سعد (7 /516)

[7] الجرح والتعديل (4 / 66).

[8] المصدر السابق، وتهذيب الكمال (10 /344)

[9] تهذيب الكمال (19 / 18)، الطبقات الكبرى لابن سعد (7 / 497)

[10] الطبقات الكبرى (7 / 514)

[11] الجرح والتعديل لابن أبي حاتم (5 / 310)

[12] ميزان الاعتدال (3 / 4)، و(ليس بالقوي) ليس بجرح مفسد، بل المقصود منه أنه لم يبلغ الدرجة العليا في القوة، والله تعالى أعلم.

[13] الجرح والتعديل (5 / 310)

[14] تهذيب الكمال (19 / 19)، تهذيب التهذيب (6 /22)

[15] المرجع السابق.

[16] انظر: تهذيب الكمال (19 / 18) وتهذيب التهذيب (6 / 23)، ورؤيته لعبد الله بن الحارث رواها ابن سعد في الطبقات (7 /497)

[17] السلسلة الضعيفة (1814)

[18] النكت  ص( 124 )

[19] الجامع الصغير مع شرحه فيض القدير (1 /158)، ووقع في كشف الخفاء للعجلوني (1 / 50): رواه ابن عدي عن عبد الله بن جعفر مرسلا. قلت: ولا أراه إلا تصحيفا، فان ابن عدي لم يروه، ولم يعزه إليه أحد قبل العجلوني ولا بعده، ثم إن قوله (عبد الله) تصحيف أيضا.. والله تعالى أعلم.