الحزبية سلاح العصر في تمزيق الشعوب - للشيخ د. صلاح الخلاقي

الحزبية سلاح العصر في تمزيق الشعوب

 

الحزبية ولاء ضيق لأفكار الحزب وجماعته، وتحجيم للعمل الدعوي والتطوعي ضمن بوتقة الحزب أو الجمعية، ويعظم قبح التحزب عندما يتسلق أصحابه على الدين، وينسبونه للشريعة والملة، وقد يخالفون تعاليم الإسلام وشرائعه، ولها ثلاثة أركان: (الكذب، والتلبيس، والخداع) كما قال العلامة الوادعي، وهي أسلحة يستخدمونها في تلميع رموزهم، وإبراز إنجازاتهم، والنيل من كل مَن خالفهم، ولذلك كَثُرت بين تلك الأحزاب الوشاية، واشتد بينهم التباغض والتحاسد، وقد يذم بعضهم تحزب غيره وهو في التحزب غارق.


وقد أدرك العقلاء أن الحزبية سبب رئيس لضياع وحدة العقيدة، وضعضعة وحدة القيادة، وتشتيت وحدة الجماعة، وسلاح فتاك لتمزيق الشمل، وتفريق كلمة المسلمين، وضياع الأخوة الإيمانية، فكم حصل بسبب التحزب من شق لعصا الطاعة، وكم انعدم بسبب التحزب من أمن واستقرار، وكيف يرتضي العاقل لنفسه صحة تحزبه وفساد بقية الأحزاب؟!


والحزبية مطية للتنابز بغير حق، وعقبة في طريق وصول الحق للخلق، بسببهايُجحَد فضل الأفاضل، ويُرفع شأن الأراذل، ويُرَسخ مبدأ المصالح الشخصية، فإن مَن تولى منصباً وابتلي بشيء من تلك التحزبات، جعل الولاء لجمعيته معياراً، وجعل المناصرة لحزبه ميزاناً، لبسط نفوذه الحزبي على الإدارات والوزارات التي أُنشئت لخدمة البلاد والعباد، فكيف لمن كانت هذه حاله أن يوالي وطنه، أو يسهم في رقيه وتطوره وشبح التصنيف يطارده في كل وقت وحين، أما آن التفطن لهؤلاء الذين يُظهرون الولاء للقيادة وولاؤهم لجمعيتهم أوثق، ألا نعتبر بما جنته الأحزاب والجمعيات السياسية والمنسوبة للدين في البلدان المجاورة؟!


إن الواجب علينا أمام ما نشاهده من تحزبات وتكتلات مباشرة أو غير مباشرة، نبذ كل ذلك وراء ظهورنا، والالتفاف حول ولي أمرنا وقيادتنا الرشيدة، ولزوم ما كان عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم للفرار من وصم التحزب المذموم؛ فعن أم سلمة أنها قالت: (ألا إن نبيكم قد برئ ممن فرق دينه واحتزب)، ثم تلت قوله تعالى: (إن الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعاً لست منهم في شيء).


وفي الختام يجدر التنبيه على أن الجماعة إن لم تنفصل عن الكتاب والسنة في تعاليمها، وعن جماعة المسلمين وإمامهم في تكوينها، ولم يكن عقد الولاء والبراء لأشخاصها، ولم يكن الانتساب لها يدعو للتعصب لشخص دون رسول الله صلى الله عليه وسلم، فهي جماعة بريئة من التحزب المذموم، والله من وراء القصد وبالله التوفيق.

 

 

 كتبه د. صلاح محمد موسى الخلاقي 

3/ذو القعدة/ 1438هـ 26/7/2017م