الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسوله الامين وعلى آله وصحبه اجمعين :-
إلى جانب الفضايل والمحامد التي يغرسها الاسلام في النفوس كوسيلة للصلاح والإصلاح ، هناك نقائص ورذائل حاربها الإسلام .
وفي طليعة هذه النقائص ، وهو من اقبحها الكذب .
ايها الإخوة : إن كثرة الكذب ، وقلة الصدق ، آفة إذا استشرت في مجتمع ، قوضت أركان سلامته ، وهددت استقراره .
لهذا حارب الإسلام الكذب بشتى انواعه وصنوفه .
فقد أخبر تعالى أنه لا يحب الكاذب ولا يهديه ( إن الله لا يهدي من هو كاذب كفار )
والكذب صفة للمنافق ، كما قال - عليه الصلاة والسلام - ( آية المنافق ثلاث إذا حدث كذب ، ... )
والكذب يقود إلى النار بعد أن يكتب صاحبه عند الله تبارك وتعالى من الكاذبين ؛ فقد قال - عليه الصلاة والسلام - ( عليكم بالصدق فإن الصدق يهدي إلى البر ، وإن البر يهدي إلى الجنة ولا يزال الرجل يصدق ويتحرى الصدق حتى يكب عند الله صديقا وإياكم والكذب ، فإن الكذب يهدي إلى الفجور ، وإن الفجور يهدي إلى النار ، ولا يزال الرجل يكذب ويتحري الكذب حتى يكتب عند الله كذابا)
لما كان الكذب بهذه المنزلة الخطيرة ترفع عنه الفضلاء ، وتحاشاه العقلاء
قال عمر بن عدالعزيز - رحمه الله تعالى - ما كذبت مذ علمت أن الكذب يشين صاحبه .
وقال الإمام الأوزاعي - رحمه الله تعالى - والله لو نادى مناد من السماء أن الكذب حلال ما كذبت .
ومن الحكم المشهورة :- الصدق منجيك وإن خفته ، والكذب مرديك وإن أمنته .
وقال الشاعر :-
لا يكذب المرء إلا من مهانته
او فعلة السوء او من قلة الادب
لبعض جيفة كلب خير رائحة
من كذبة المرء في جد وفي لعب
ايها الاخوة :- لما كان الكذب بهذه البشاعة والخطورة فعلى المرء ان يعرف صور الكذب التي يقع فيها الناس :-
فأول الصور :- هو الكذب على الله تعالى او على رسوله الكريم - عليه الصلاة والسلام - مثل أن يفتي الإنسان بأحكام شرعية وهو جاهل فيها ، او ينسب إلى رسول الله - عليه الصلاة والسلام - احاديث لم يقلها :-
قال تعالى ( ومن أظلم ممن افترى على الله الكذب أو كذب بآياته إنه لا يفلح الظالمون )
وقال - عليه الصلاة والسلام - ( إن كذبا علي ليس ككذب على أحد فمن كذب علي فليتبوأ مقعده من النار )
وثاني صور الكذب :- الكذب في الحديث والكلام :- وقد جاء في حديث الإسراء ( أنه رأى رجلا مضطجع ورجلا آخر قائم على رأسه وبيده كلوب ، فيأخذ شدقه ويجره إلى قفاه ، فلما سأل عنه ؟ قال:- هو الرجل يكذب الكذبة فتحمل عنه حتى تبلغ الآفاق فيصنع به هكذا إلى يوم القيامة )
وثالث صور الكذب هو الكذب ليضحك به الناس - وهو ما يسمى في عرف النس بالنكتة -
قال - عليه الصلاة والسلام - ( ويل للذي يحدث فيكذب ليضحك به القوم ، ويل له ويل له )
ورابع الصور هو الكذب على الاولاد كأنه يعده بشراء شيئ له ، او إعطائه حاجة معينة ، ثم يكذب عليه ولا يعطيه شيئا :-
فعن عبدالله بن عامر - رضي اله تعالى عنه - أن أمه دعته فقالت :- تعال أعطك ، فقال النبي - عليه الصلاة والسلام - ما أردت أن تعطيه ؟ قالت : تمرا ، فقال - عليه الصلاة والسلام أما أنك لو لم تعطه شيئا لكتبت عليك كذبة )
وآخر صور الكذبة هو الكذبة بداية شهر ابريل وتسمى بكذبة ابريل
وهذا جهل من عدة وجوه :-
١- أن الكذب حرام في ابريل وفي غير ابريل ، كما سبق بيان هذا .
٢- بعض الناس يقولون هذا كذب أبيض لا شيئ فيه! وهذا جهل عظيم ؛ فلا يوجد في الإسلام كذب أبيض وكذب أسود ، بل الكذب حرام .
٣- ان الذي يقرأ التاريخ ليعرف مصدر هذه الكذبة يرى أن لها تعلق بالاعتقادات الدينية الوثنية السائدة في تلك الأزمان :-
١- فالبعض ينسب كذبة ابريل لملك فرنسا شار التاسع ١٦٥٤م ، الذي حاول تغيير السنة لتبدأ من شهر يناير بدلا من بدايتها من شهر ابريل ، وذلك عن طريق الكذب على الناس وخداعهم .
٢ - وبعض الباحثين يرى ان كذبة ابريل مأخوذة عن الديانة الهندوسية حيث كان الرهبان يخرجون في اول شهر ابريل الى النهر ويغتسلون فيه ، ويطلبون من آلهتهم أن تغفر لهم الذنوب .
٣- وهناك رأي ثالث :- يرى ان كذبة ابريل مأخوذة عن رهبان النصارى حيث يقومون في بداية ابريل بالصلاة إلى المسيح من أجل المجانين والمعتوهين والمختلين عقليا ليشفيهم ويتوب عليه ؛ ويسمونه بعيد الحمقى والمجانين .
اذا هذه حقيقة كذبة ابريل ؛ فهل ترضى أخي المسلم أنت تنزل بأخلاقك لمثل هذه التفاهات والسخافات .
أسأل الله تبارك وتعالى أن يهدينا وإياكم سواء السبيل ، وأن يجعلنا وإياكم من الصادقين .
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
وكتبه
حسن بن حمدان الشمري